ماذا تعني “Winji”؟ .. وكيف يحمل روح أسوان المتشبعة بالفن ويُعزّز موضة الأزياء بالتراث والإبداع

حوار: جهاد الجمل

“انتي ولدتي جميلة ولا شيء يغير ذلك لا الشكل ولا اللون ولا العرق”

حاملةً روح أسوان المتشبعة بالفنّ.. تألقت نجمة نوبية لامعة تُدعى “Winji” تتلألأ في سماء الفنّ التراثي المصريّ متمردة على عولمة الذوق و فارضة هويتها المصرية ذات الجذور التراثية العميقة. في هذا الحوار، تروي لنا مؤسسة “Winji” حكاية بنات أسوان الشقيقتين غادة وهبة شاكر اللاتي لم تمنعهنّ المسافات الطويلة بين مدينتهنّ والعاصمة من حفر أسمائهنّ في خريطة الفنّ المصري وحملِ أمانة تجديد الدم في قلب  التراث المصري، رحلة ممتعة!

كيف تُحب “غادة شاكر” التعريف عن نفسها؟

نشأت أنا غادة وشقيقتي هبة شاكر في قلب جنوب مصر، تحديدًا في مدينة أسوان الخلابة، أنا غادة، مرممة أثار وهبة مهندسة مدنية، لكل منا قصة، لكن هناك خيطًا مشتركًا بيننا وهو حبنا الشغوف للفنون والألوان، والذي نبض بقوة في قلوبنا منذ الصغر.

طبيعة أسوان الخلابة، التي تجمع بين النيل الجاري والصحاري الذهبية، وتعدد ثقافاتها الغنية، لعبت دورًا كبيرًا في تغذية هذا الحب وتشكيله، ولكن، لم يكن الأمر يقتصر على البيئة والثقافة فقط، فإن والدتنا تعمل طبيبة ولكنها كانت دائمًا مصدر إلهام لنا فقد كانت تمزج بين العلم والفن ببراعة وتقدم لنا دروسًا حية في الإبداع من خلال تصاميمها الفنية، سواء كانت مفروشات أو مكرميات أو حتى فساتين خياطتها لنا عندما كانا أطفالًا.

وبفضل نشأتنا حبينا كل ما هو مختلف ومميز ولدينا شغف بكل الفنون وخاصة تصميم الأزياء وأصبحنا اليوم أمهات ولا زلنا نغرس في اطفالنا حب الفن والتمسك بالتراث والهوية المصرية.

كيف انبثق نجم “Winji” في سماء الإبداع المصريّ لأول مرة؟ احكي لنا عن بداية الرحلة.

بدأت الحكاية تحديدًا حين اكتشفنا أنا وهبة أننا لا نتمكن من إيجاد الأذواق التي تُناسبنا أو تُعبر عن هويتنا لأن غالبية الأزياء المعروضة مستوردة وضعيفة الخامات، فقررنا أن نصنع ملابسنا بأيدينا و من خلال رؤيتنا التي تنطوي على لمسات مميزة خاصة بنا مثل الهاند ميد والتطريز، وبدأنا نتلقى ملاحظات الإعجاب من الجميع في محيطنا الاجتماعي مما شجعنا على تأسيس مشروعنا الخاص للملابس وأطلقنا عليه “ونجي Winji”.

ما السرّ وراء اختيارك كلمة Winji لتُظلل إسهاماتك الإبداعية؟

كلمة “ونجي” أو “Winji” هي كلمة نوبية تعني النجمة اللامعة وتُعبر عن رؤيتنا الفنّية.

لا يدّخر Winji أي جهد في إثبات وجوده كأحد المساهمين في التنمية المجتمعية وتطوير قطاع الأزياء المصريّ، كيف يمكن للمصممين المصريين تقديم الدعم للمجتمع ونشر الوعي بقضاياه؟

نحاول قدر الإمكان أن نُسهم لتنمية المجتمع الأسواني في جنوب الصعيد والذي تقل به فرص العمل ويتسم بطابع ثقافي خاص قد يُعارض عمل المرأة في بعض المناطق، لذا قررنا توفير فرصة العمل من المنزل للسيدات عن طريق توفير القطع لهنّ ليتمكنّ من عمل التطريز في المنزل دون الاضطرار للعمل بالخارج.

كما أننا نقدم ورشًا فنية لتعليم الرسم على القماش وتدريبات للأطفال والمراهقين؛ لتوجيههم إلى طُرق توفير الدخل دون انتظار التخرج والعمل الحكومي عن طريق مشاريع خاصة وتعليمهم أساسيات الرسم والتطريز وإعادة تدوير الملابس هو ما يُعد مكافحة للموضة السريعة وآثارها الضارة على البيئة والتي انتشرت كالنار في الهشيم. وبالمناسبة، نوّفر الآن خمسة فرص للسيدات للعمل من منازلهنّ.

بمعايير واقع اليوم أصبح الذكاء الاصطناعي هو بوابة المستقبل التي سيُصبح المُتخلف عنها مجرد صفحة من الماضي. كان Winji أحد رواد تطويع الذكاء الاصطناعي لخلق عوالم إبداعية جديدة من خلال تصميم الأزياء، إلى أين سيصل بنا الذكاء الاصطناعي؟ أخبرينا عن تجربتك الفريدة.

هناك توجّه عالمي الآن لاستخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة الأزياء كحال بقية الصناعات، فتعلُم استخدام الذكاء الاصطناعي باتَ قارب النجاة لمن يريد الحفاظ على نجاحه المستقبلي.

التحقت وشقيقتي هبة بدورة تُقدمها وزارة الاتصالات عن الذكاء الاصطناعي، ظننا قبل الالتحاق بالدورة أنها تُقدم محتوى يتعلق بالدعاية والتسويق لكننا انبهرنا بما درسناه وكيفية استعراض صورة حقيقية أو أقرب للحقيقة عن المنتج بكامل مواصفاته مثل الخامة والألوان، مما اختصر الكثير من الوقت والجهد وسهّل عملية التصميم.

ففي البداية كُنا نٌجري اختبارًا للشكل النهائي للتصميم بعد اختيار المواصفات لنُقرر إن كنّا سوف نعتمده أو لا أو إن كان يتطلب تعديلات، أما الآن نستطيع بواسطة الذكاء الاصطناعي أن نُدخل كافة المواصفات المطلوبة للتصميم وستقوم الأداة بإنتاج صورة افتراضية للتصميم.

أتمنى بلا شك أن يطّلع الجميع على آليات الذكاء الاصطناعى وتطويعها لخدمة جميع المجالات، وقمنا بالفعل بإصدار أول مجموعة شتوية مُصممة بواسطة الذكاء الاصطناعي وفاقت ردود الأفعال الإيجابية عليها توقعاتنا والحمدلله.

كان لعلامة Winji ظهورًا مميزًا في عدد من المحافل المصرية مثل مهرجان الجونة وغيره، هلا ذكرتنا بأحد المواقف المميزة التي اعتبرتِها تكليلًا لجهودكم في تقديم مُنتج مصريّ الشخصية؟

بالفعل قد تلقينا التكريم من وزارة الاتصالات مؤخرًا عن دورنا في استخدام الذكاء الاصطناعي في تصميم الأزياء، وشاركنا لثلاث سنوات متتالية في مهرجان أسوان للسينما والمرأة، كما جاءت مشاركتنا في مهرجان الجونة حول الدور الذي يُمكننا لعِبه في تقديم الأزياء التراثية للأعمال الدرامية والسينمائية وتعزيز الهوية التراثية من خلال الفنّ على أن نؤسس قاعدة بيانات عن الأزياء التراثية لكل حقبة زمنية وبقعة جغرافية مصرية مثل الخامات المُستخدمة وغيرها، وقُمنا بعرض فكرتنا أمام العديد من المخرجين والمنتجين وغيرهم من المَعنيين بالصناعة، وكانت مشاركتنا في المهرجان سَبقًا انفردنا به عن غيرنا. كما شهدت مقابلتنا مع وزير الاتصالات في أسوان حوارًا ملهمًا عن طموحاتنا وأحلامنا غير المحدودة مثل تأسيس مصنع للملابس في أسوان والذي سيفتح الباب للعديد من الفُرص للشباب الراغبين في تعزيز الهوية التراثية الأسوانية التي تُعد مركزًا للفن والإبداع من خلال الرسم والتطريز اليدوي وتطويع الفنّ التراثي في شكل عصري يُناسب الوقت الحاضر. 

“Waste invert not just invent”

كيف تتجسد هذه الجملة واقعيًا في مشروعك؟ 

تُعبر هذه الجملة عن سياستنا في التصنيع، فعملُنا لا يقتصر على تنفيذ التصاميم بل أيضًا نُطوع هادر القماش في ابتكار آفاق جديدة في التصاميم الجديدة.

احكي لنا عن درسِ حياتي أهداه لك تصميم الأزياء تودين مشاركة المصممين المبتدئين به

ما أريد قوله للفتيات والشباب المبتدئين هو أننا حين بدأنا مشروعنا كنّا كسائر الفتيات المُكافحات خاصة اللاتي ينتمين إلى المُحافظات البعيدة عن القاهرة مثل أسوان وتعانين من أزمة المركزية، كنا نظنّ أن الصِعاب التي سوف تواجهنا سوف تمنعنا من الوصول إلى هدفنا، لكننا رغم التحديات التي واجهناها والمرات التي أعدنا البداية فيها من الصفر تعلمنا أن لا شيء مستحيل، وأن كل فتاة يُمكنها الوصول إلى أحلامها بأبسط الأشياء في البداية، فأنا وشقيقتي بدأنا الرسم والتصميم والخياطة في منزلنا ثم تطورنا للاستعانة بأحد الخبراء ليُساعدنا ثم أحد المصانع حتى وصلنا لمرحلتنا الحالية، كان الطريق صعبًا لكنه ليس مستحيلًا ويمكن للجميع أن يبدأ شرط أن يدرس ويُلمّ بالسوق وبمواطن قوته جيدًا ليتمكن من استخدامها في خدمة بلده.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *