دعاء حسام وكواليس إنتاج فساتين السهرة الساحرة

دعاء حسام وكواليس إنتاج فساتين السهرة الساحرة

بينما تُظللهن أضواء السهرة وأنغام الاحتفال، تُطلّ الفتيات كالأميرات بفضل فساتين السهرة أو كما وصفتها لنا دعاء “اللوحة الفنيّة” التي تكمن في تفاصيلها الساحرة ريشة الأبطال الحقيقيين المختبئين وراء كواليس الإطلالة، عن “مصممي أزياء السهرة” تروي لنا دعاء حسام الدين حكايتها في السطور التالية.

هلا عرفتنا بنفسك؟

اسمي دعاء حسام الدين، أبلغ من العمر 28 عامًا، حصلت على بكالوريوس النظم والمعلومات الإدارية وامتهنت تخصصي الدراسي بالفعل لعامين قبل أن أتوجه لاحتراف تصميم الأزياء وبالتحديد فساتين السهرة والمناسبات.

متى بدأ شغفك بتصميم الأزياء؟

بعد فترة أمضيتها في الأجواء التقليدية للوظيفة، شعرتُ برغبة جامحة في مطاردة حلم طفولتي وهو تصميم الأزياء، فكُنت أجد فيه سبيلًا يمكنني من ترك أثري وبصمتي الخاصة من خلال العمل على العكس مع الطابع الروتيني ضيق الأفق لوظيفتي السابقة. ولم يكن هذا الحلم وليد اللحظة، بل أتذكر جيدًا كم كُنت أحبّ استخدام الإبرة والخيط و شغفي في حياكة الفساتين للعرائس البلاستيكية ورسم الصيحات الجديدة من الملابس منذُ نعومة أظافري. ولكن حتى مرحلة ما بعد التخرج والوظيفة كان هذا الحلم لا يزال مجرد شغف يراودني لكنني لم أكن أؤمن وقتها أنني أستطيع تحقيقه بالفعل عن طريق السعي وتنمية قدراتي، حتى اللحظة التي مررتُ بها بتجربة مريرة في حياتي أحيت في الرغبة في تحدي نفسي وإثبات وجودي.

ما هي عوامل نجاح التصميم في رأيك؟

بصورة عامة، من العوامل التي أثرت جليًا في هذه النقطة هي أن الرغبة في الاستعراض ومجاراة السائد أصبحت الأولوية لدى الكثيرين على حساب الكفاءة والإبداع، فأنا شخصيًا أتابع الكثير من الموهوبين الذين لم يحظوا باهتمام حقيقي لأنهم لا يستطيعون التسويق لأنفسهم بطريقة تجاري نمط الاستعراض الاستهلاكي السائد. فمن الضروري ألا يكون دافع المصمم هو الشهرة والاستعراض فقط، بل أن قوته الحقيقية التي سوف تدفعه للاستمرار هي الشغف بالمهنة والجديّة وامتلاك شخصية فنيّة مستقلة وليس اتباع موضة مؤقتة. أما بالنسبة لي شخصيًا، أهم عوامل النجاح هي عدم الرضا أو الاكتفاء بما تقدمه، بل شحذ الرغبة في تقديم المزيد دائمًا وتذكير النفس دائمًا أنه كان بالإمكان تقديم ما هو أفضل، فكثيرًا ما كُنت أؤمن بنجاح تصميم ما ولا أتلقى رد الفعل الذي أنتظره بعد التنفيذ، بينما كانت العديد من التصاميم تلقى النجاح على الرغم من عدم قناعتي بذلك في البداية. أي أن نجاح التصميم هو مسألة نسبية من الصعب الحكم عليها من منظورك الشخصي في النهاية ولا يحددها شخص بعينه، فلولا اختلاف الأذواق لبارت السلع. 

حدثينا عن تحدي واجهك في بداية تأسيسك للمشروع ونجحت في تخطيه.

في بداية رحلة تعلمي للتصميم، شعرتُ أنني قد لا أنجح وأن إتقان الأمر صعب عليّ، فكان لتنفيذ التصميم عمليًا رهبة كبيرة بالنسبة لي مقارنة بالمراحل الأولية مثل الرسم. وتسببت هذه الرهبة تعطلت خطواتي في البداية، فقامت صديقة لي بدعمي في موقف لا أنساه أبدًا؛ حين طلبت مني أن أعتبرها عمليتي الأولى وأخوض تجربة تصميم فستان لها أيًا كانت النتائج لتشجيعي. في البداية ترددت لدرجة أنني عجزت عن التحكم في المقص خوفًا من الفشل وتراجعت عن الخطوة بأكملها لشهرين، إلى أن مررتُ بتجربة شخصية قاسية دفعتني إلى أن أثبت لنفسي أنني قادرة على النجاح واستفزت قدرتي على التحدي والعناد مع خوفي. ومع استمرار التدرب وحضور الورشات العملية والدراسة، استطعت تأسيس مشروعي الخاص وجذب العملاء وبدأت تصاميمي تلقى رواجًا واسعًا.

ما أجمل لحظة أهداها لك تصميم الأزياء؟

ذات مرة طلبت مني إحدى العميلات تصميمًا معقدًا كان صعبًا عليّ في البداية بعض الشيء، خاصة أنه من المهم أن يشعر عميلك دائمًا بثقتك في نفسك وألا يلاحظ أي تخوف أو تردد من جانبك. فمن السهل وضع الأفكار، لكن تنفيذها كثيرًا ما يكون أصعب من التصور الأوليّ للتصميم. كنت قلقة في البداية ألا أستطيع تنفيذه بإتقان، وقمتُ بدراسة تفاصيل التصميم  بعمق ورسمه وكأنني أصمم للمرة الأولى رغبة في تحدي مخاوفي، ولكن ما إن انتهيتُ من التنفيذ وسلمت الفستان لصاحبته اعترتني سعادة غامرة وشعور بالفخر بنفسي لأنني استطعت تجاوز مخاوفي وإثبات قدراتي. كانت الفتاة سعيدة بالفستان، لكنني كُنت أكثر سعادة منها بنجاحي. فتحقيق النجاح يتطلب الشغف الذي يهون عليك السهر الطويل والعمل الشاق لتنفيذ تصميم واحد قد تكون تفاصيله معقدة أو جديدة بالنسبة لك، لكن الشعور الذي يعتريك حين تحصد ثمار اجتهادك.

متى يعلم مصمم الأزياء المبتديء أنه على الطريق الصحيح؟

أول ما يجب أن يفعله من يريد احتراف المهنة هو التأكد من الدافع وراء هذه الرغبة. هل يريد حقًا أن يترك أثره كمصمم أزياء مبدع أم أن رغبته مجرد حماسة زائفة أو مجاراة لهوس الشهرة أو الاستعراض على مواقع التواصل الاجتماعي. فمن لا يملك شغفًا حقيقيًا سيهجر الطريق مع أول تحدي أو صعوبة يواجهها وسيشقّ عليه الاستمرار، بينما إن وجد الشخص نفسه يستمتع ببذل الجهد ويهون عليه التعب والسعي رغبة في استكمال مسيرته وعدم التنازل عن أحلامه فإنه مشروع لمصمم أزياء حقيقي يسير في الاتجاه الصحيح. فالمهنة تنطوي على الكثير من التحديات منها مثلًا التعاملات مع العملاء، فليس جميع العملاء الذين سوف تتعامل معهم سيكونون على دراية بذوقيات التعامل أو بالمرونة التي تتوقعها، وكثيرًا ما يشكل ذلك ضغطًا كبيرًا قد يدفعك لمراجعة نفسك في اختيار المهنة، لكنه سؤال واحد يحسم الأمر: “هل أستطيع تخيل نفسي خارج كينونتي كمصمم أزياء؟” إن كانت الإجابة لا رغم الضغوط، فهنا يعلم المبتديء أنّه يصلح لهذا الطريق. وثانيًا، يجب أن يتجاوز المصمم المبتدئ الخوف من الفشل، فلا يمكن للمصمم تحمل مسئولية اختيار الأقمشة وتنفيذ رؤية العميل دون أن يكسر حاجز مخاوفه عن طريق  استمرار التدرب العملي يصقل المهارة ولا قيمة لأي معرفة نظرية مهما كان كفاءة المدرب دون الاحتكاك العمليّ، فعندما بدأت بتدريب المواهب على تصميم الأزياء كان أول ما وجهتهنّ إليه هو استخدام المقص في قصّ القماش باستمرار وإن كان في محاولات بدائية بهدف التخلص من رهبة المقص واكتساب الثقة.

في رأيك، ما الخطوة العملية الأولى المصمم المبتدئ ليدخل عالم الاحتراف؟

ومن الضروري للمصمم المبتدئ أن يحاول قدر الإمكان تلقي التدريب من المصادر الأصلية والكفاءات التي تمتلك شغفًا حقيقيًا بما تعمل لكي يتمكن من صناعة شخصيته المستقلة بدلًا من محاكاة تجارب مقلدة بُنيت على جمع بعض المعلومات السطحية والدعاية الزائفة بأن محتوياتها سوف تمكنك من الاحتراف في فترة قصيرة وهذا غير حقيقيّ بالطبع، فلا طريق مختصر لهذه المهنة، لا بد من تراكم الخبرة و أن تكون مستعدًا لبذل الكثير من الصبر والجهد والوقت للوصول للاحتراف، فهذه المصادر السطحية أخذت من وقتي الكثير. 

من هو مثلك الأعلى؟

أنا من المعجبين بالمصممين  الرائعين “زهير مراد” و”إيلي صعب”، فدائمًا ما تُبهرني أفكارهما وتصماميمها. وعلى المستوى المحلي، تبهرني المصممة المميزة “أسماء عبد الشافي” لأنها من القلائل اللاتي خرجن عن المألوف وصنعنّ لأنفسهنّ منهجًا فريدًا ساعدها على الانتشار بسرعة كبيرة لأنه من السهل تمييز بصمتها الفنية من بين التصاميم الأخرى وهذا دليل واضح على نزعتها الإبداعية وشخصيتها الفنية المستقلة، وهو ما أسعى لتحقيقه في تصاميمي وأطمح للوصول إليه، فأنا أتخذ من كل مُحدثي التغيير الذين يفرضون نهجًا جديدًا على الأذواق المألوفة قدوة لي.

من هم أبطال قصة نجاحك؟

أولًا، أبي وأمي الذين دعموني من أول لحظة لأحقق نجاحي ولولا مساندتهم لي لما استطعت مواصلة الجهد لساعات طويلة دون انقطاع لتحويل حلمي إلى حقيقة، وزوجي العزيز الذي استطعت مواصلة عملي إلى جانب مهامي الأسرية بفضل تفهمه للضغوط التي أمرّ بها وإيمانه بي وبحبي لعملي.

كيف تحصلين على الإلهام لتصميم ازياء السهرة التي تقدمينها؟

من أكبر الظواهر السلبية التي سببها الهوس بمنصات التواصل الاجتماعي وجذب المتابعين هو فقر الإبداع واحتكار الأذواق في نمط محدد اقتداءً بأحد المؤثرين أو صناع المحتوى، فأصبحت الفتيات لا تمانع ارتداء أنماط مستهلكة وتفضل ذلك على التمسك بذوقها الخاص. لذا، أحرص على استكشاف ذوق الفتاة وما يناسبها وأستقي الإلهام من تحليلي مواصفات الفستان الشكلية، فلا يمكن أن أصمم فستانًا ذو ألوان صاخبة أو تصميم جريء لفتاة تفضل التفاصيل البسيطة والألوان الهادئة على سبيل المثال.

ما أهم ما يميز تصميم فساتين السهرة في رأيك؟

في الحقيقة، دائمًا ما تبدو لي فساتين السهرة وكأنها لوحة فنيّة لا مجرد قماش، فتصميم الفستان بالنسبة لي هو نوع من أنواع الفنّ، ليس فقط لتفاصيل القماش والخياطة المطبقة عليه، بل لأن الفستان يُمثل للفتاة جوهر الأوقات المميزة وسرّ تألقها في الليالي السعيدة كمناسبات الزواج أو التخلاج أو غيرها، ويحظى باهتمامها الدقيق وحرصها على أن يكون في أبهى صورة ممكنة، لذا دائمًا ما يمدّني ذلك بشعور بالمسئولية والفخر في آن واحد لأنني أدرك قيمة ثقة الفتاة في حين اختارتني لأصنع لها ثوبًا يُكلل ليلة العمر ويصبح جزءًا أبديًا من ذكرياتها. 

حدثينا عن طموحك كمصممة أزياء مبدعة.

أطمح لتحقيق خطوتين في غاية الأهمية بالنسبة لمشروعي هذه الفترة، أولًا تغيير المكان الذي أعمل به على تنفيذ التصاميم والانتقال إلى مكان أكبر وأكثر راحة يساعدني على الإنجاز بصورة أسرع، والخطوة الثانية هي الاهتمام بالجانب التسويقي لمشروعي وهو ما أشعر أنني لم أوفيه حقه، ففي بداياتي اعتمدت على دوائر معارفي والتي احتوت أغلب عملائي، لكنني الآن أسعى لنقل مستوى الدعاية لتصاميمي إلى مرحلة أكثر احترافية.

ما أهم العوامل التي يجب أن يحرص عليها المصمم لضمان راحة الفتاة/السيدة أثناء ارتداء الفستان؟

أن يكون على دراية مسبقة بكل التفاصيل التي تتعلق بالعميل قبل التصميم حتى يتمكن من تنفيذ قطعة عملية ترضي رغبته وتحقق له الراحة. فعلى ذكر هذه النقطة، إحدى عميلاتي كانت أمًا حديثة وتحتاج ابنتها للرضاعة، وكنت أصمم لها فستانًا لمناسبة عائلية، فحرصت على إضفاء تفاصيل تساعدها على القيام بذلك بسهولة دون أن يكون فستان السهرة عبئًا عليها. وأيضًا بالنسبة للفتيات اللاتي يفضلن كثرة الحركة في المناسبات، نراعي في تصميم فساتينهنّ ألا يعيق التصميم حركتهنّ. ومن الوارد أن أختلف مع العميلة في الرأي حول ما يناسبها، ولكنني في النهاية أصل بالنقاش إلى العثور على حل يحقق رغبتها ويناسب مواصفاتها في آن واحد، فأرى أن تنفيذ التعديلات لتحقيق رضا العميلة أولوية بالنسبة لي

كيف تتعاملين مع الانتقادات؟

في حال تلقيت انتقادًا مباشرًا من العميلة، أرى أنه من الحكمة استيعاب وجهة النظر المقابلة وإن كان لذلك أثر نفسي سلبي عليّ، فأفادني تعاملي بصورة مرنة مع الآراء المختلفة أو الانتقادات في أن أرتقي بمستواي وأدرك أخطائي، أما بالنسبة للانتقادات التي قد أتلقاها عبر منصات التواصل الاجتماعي، في البداية كان حالي حال كل ناشري المحتوى الإلكتروني الذين يتأثرون لفترة بتلك الانتقادات لكنهم يتأقلمون مع فكرة أن لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع، فلا يمكن إرضاء كل الأذواق في النهاية.  

ما أهم التحديات التي يواجهها قطاع تصميم الأزياء في مصر؟

أرى أن إعطاء الأولوية لمجاراة السباق الاستعراضي والدعاية على حساب الكفاءة والجودة تسببا في تهميش العديد من الموهوبين ، خاصة أن هناك قطاع كبير من الناس ربما يُخدع في جودة الأقمشة أو التنفيذ طالما أن التصميم يجاري الأذواق التي تلقى رواجًا بين المشاهير. لذا يجب أن يُنمى الوعي بالمنتج ذو الجودة الحقيقية والذي ربما يُهزم أمام آلة الدعاية القوية التي تركز على المظهر الذي من شأنه إثارة الجدل وإن كان يفتقر إلى الإبداع.

 كيف تكتشف كل امرأة/ فتاة ما يناسبها؟

من المواقف التي أواجهها مرارًا أن تأتي لي إحدى العميلات وهي على قناعة تامة بمواصفات لا تناسبها للفستان الذي تريده وتتصور أنّه مناسب لها وقد يتسبب ذلك في فشل الإطلالة بعد تنفيذها، لذا يحتم عليّ ضميري ورغبتي في إظهارها بأفضل صورة أن أرشدها للمواصفات والألوان المتسقة مع جسمها ولون بشرتها وغالبًا ما تمتن لي العميلات على إرشادي لهنّ للإطلالة التي تناسبهنّ. لذا يجب على كل فتاة أن تكتشف ما يناسب مواصفاتها الخاصة دون ملاحقة نمط مستهلك بغرض التقليد أو تعزيز الثقة، وأحيانًا أمرّ شخصيًا بهذه المشكلة وتوصلت إلى أن تمسك الفتاة بهويتها وذوقها وثقتها بنفسها هما ما سوف يجعلان منها نجمة متألقة بين العديد من الأذواق المكررة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *