حوار: سمية حسين
قوة استمدت بريقها من تجارب لم تستطع أن تزعزع إيمان صاحبتها بحلمها.. مصممة الأزياء رنا يسري التي اختارت نجمة عشتار لترمز إلى تلك الروح القوية والمؤمنة بكل خطوات رحلتها مهما واجهت من صعوبات..
في بوستايل قابلنا رنا، واستمتعنا بالاستماع إلى قصتها الملهمة.
تقول مصممة الأزياء رنا يسري
تصميم الأزياء والموضة كان شغفي منذ الطفولة، في المدرسة لم أفوت حصة للخياطة، ونمت والدتي هذا الشغف بشراء الأقمشة لي حتى أتدرب على خياطة المفارش وغيرها، كبر هذا الشغف معي وكان حلمي أن أدرس تصميم الأزياء، لكن للأسف في ذلك الوقت لم يكن بمصر أي معاهد لتعليم الموضة أو لتصميم الأزياء فدخلت كلية الهندسة، وبالرغم أنه قد يبدو أنه اتجاه مختلف تماما إلا أن دراسة الهندسة ساعدتني كثيرا في بناء مهارة التفكير والتخطيط، وتخصصي في إدارة الأعمال والمشروعات ساعدني كثيرا في إدارة أعمالي الخاصة وبراندات Asory and Anzo.
تخرجت من كلية الهندسة بتفوق عام 2011 وبحلول عام 2015 تقريبا قررت أن التغيير والسعي وراء شغفي القديم بالعمل في مجال ال Luxury Fashion، وبالرغم من عملي وتفوقي في أكثر من شركة في نفس الوقت وإثبات نفسي في مجال دراستي لكني لم أستطع التخلي عن حلمي القديم، فبدأت بأخذ خطوات بسيطة وثابتة للتغيير، ولم أستطع التغيير بشكل مفاجئ وسريع لأني لم أجد الدعم ممن حولي في قراري، وكان من أكثر الجمل التي سمعتها “ليه تسيبي شغلك الثابت ومرتبك المضمون وتروحي ورا حاجة مش مضمونة؟”
بدأت في أكثر من اتجاه في نفس الوقت، حجزت جزء من استوديو صغير مع مجموعة من المهتمين بالتصميم وبدأت العمل منه، أخذت عدد من الكورسات والدبلومات في مجال الموضة، قدمت على مسابقة للموضة في لبنان كانت ستقام بالتعاون بين منظمين في مصر وفي لبنان، وقدمت على فرص للتدريب في أكثر من دار أزياء وتم قبولي في دار أزياء توني ورد..
كل هذا بالتزامن؟
نعم، كنت أتدرب عند توني ورد وساعدني التدريب هناك كثيرا، وكنت اجهز لأول كوليكشن ل Asory، والتي كان من المفترض أن تعرض في المسابقة التي تم ألغاءها بعد تجهيزي وإنهائي للكوليكشن، وبالطبع كان خبرا محبطا لي، لكني كنت مصرة على عرض القطع، ولذلك قررت الاشتراك في Arab Fashion Show، وهو يعتبر الخامس على العالم من حيث الأهمية، في تلك السنة كان سيقام في الرياض بحضور العائلة الملكية والكثير من كبار المصممين العالميين، وكذلك في دبي، كانت المشكلة أن المبلغ المطلوب للاشتراك ضخما جدا يتعدى حدود مقدرتي..

وكيف استطعت توفير المبلغ؟
لم يكن من السهل أبدا توفير المبلغ المطلوب، لذلك ركزت على هدفين:
- يجب أن أقنعهم بمهاراتي وبقوة ما لدي من تصميمات حتى أحصل على تخفيض ضخم يسهل علي الدفع والاشتراك.
- أن أحصل على رعاة لعرضي يدعمون عملي.
غير ذلك وضعت نصب عيني أن أكون العرض الفينال في دبي، وكنت أعلم أن مثل هذا الأمر صعب جدا خاصة أن فينال السنة التي قبلي كان لتوني ورد.
رنا كم هدفا حققت من هذه الأهداف؟
كلها وكان لازوردي هو الراعي الرسمي لعرضي وزرت مصانعهم هناك، كنت أول مصممة وبراند مصري يشارك في أسبوع الموضة العربي، ولم يصدق أحدا وقتها أن ما يرونه هو أول كوليكشن ل Asory.
نالت تصميماتي إعجاب الكثيرين وتعرفت على الأميرة نورة وعائلتها وغيرهم الكثيرين، ولن أنسى ما قالته لي مصممة روسية مشهورة عندما علمت أن هذه المجموعة هي أول مجموعاتي: “عندما تكون البداية قوية تكون الوقعات كذلك قوية، جهزي نفسك ولا تستسلمي أبدا”، وهذا ما حدث، عندما عدت إلى مصر استيقظت فجأة لأجد حسابي البنكي صفرا، عملية التصنيع مستمرة فأصبح علي الكثير من المديونات وكانت لدي بعض الصعوبات العائلية، احتجت لبذل الكثير من المجهود لأصل مرة أخرى لنقطة الصفر..
هل استقرت لك الأمور بعد ذلك؟

بعد أن وصلت لنقطة الصفر ومع العمل وبذل الكثير من الجهد بدأت الأمور بالازدهار نوعا ما لنفاجئ بعدها بانتشار فيرس الكورونا وفرض الحجر المنزلي، كانت فترة صعبة جدا احتجت للتفكير والتخطيط والعمل الكثير حتى أواصل عملي بهذه الظروف ولا أضطر لتسريح أحد من موظفيني، في هذا الوقت أطلقت براند أنزو Anzo وهو براند للملابس الكاجوال.
براند جديد في وقت الأزمة؟
نعم، كان هذا ما ساعدنا على الاستمرار، وساعدني كذلك في مساعدة أخي عمر وهو من أصحاب متلازمة داون، وغيره من ذوي الاحتياجات الخاصة لتقضية وقتهم بشكل جيد خلال هذه الفترة عن طريق رسوماتهم وتصميماتهم التي استخدمنها في كوليكشن أنزو والذي كان ناجحا جدا وأعدنا تصنيعه العديد من المرات.
رنا دائما ما أبهجتني صورك وعلاقتك بأخيك عمر، كيف كان تأثيره عليك خلال رحلتك في التصميم والعمل؟
إصرار عمر هو ما يجعلني أستمر، كم العزيمة والإصرار الذي يمتلكه يجعلني استصغر أي مجهود أقوم به، تركيز عمر الشديد في بطولاته وعمله وما يبذله من مجهود من أكثر ما يلهمني في حياتي، ممتنة جدا لوجوده وتأثيره علي.
ما اللمسة الخاصة بك التي تحلمين بتقديمها من خلال البراند؟
أحلم باظهار أفضل ما داخل كل شخص، ذلك الشئ الذي لا يكاد يشعر به لكنه مدفون داخله، من خلال ما أصمم من ملابس.. سمية ما هو شعورك عندما تلبسين أفضل ما لديك؟ شعور بالثقة عال جدا، هذا ما أسعى إليه، ليس هناك جسم قبيح، نحن من لا نحسن اختيار ما يناسبنا وما يناسب أجسامنا، وأنا أريد أن أساعد زبائني على الاختيار..
رنا ربما أكثر ما اشتهر عنك خلال الفترة الأخيرة هو اختيارك لتصميم فستان كتب كتاب جينيفر بيل جيتس. كيف حدث ذلك؟
حدث ذلك عن طريق أحد علاقاتي الذي رشحني للسيدة إيمان حربي والدة زوج جينيفر، طلبت مني تصميمات عن الحضارة الفرعونية لها ولجينيفر، صممت لها خمس فساتين مستوحاة من الحضارة المصرية وحاولنا خلالها البعد تماما عن الأشكال التقليدية المقدمة والمشهورة عن الحضارة المصرية، وكذلك فستان جينيفر لكتب الكتاب.
نالت الفساتين إعجاب الجميع وكان من ضمن تعليقات الإعجاب التي وصلتني: “لا نصدق أن مثل هذه الجودة والدقة في التصميم خرجت من داخل مصر”
رنا لا أستطيع منع نفسي من التساؤل، كيف تقتحمين اللامعروف بلا خوف، أو بالرغم حتى من خوف البدايات؟ وقد قابلت الكثير من الصعوبات أثناء رحلتك..
أنا مؤمنة حد السماء بما أفعل، لا أظن أن هناك ما يدفعني للاستمرار والمحاولة دائما قدر إيماني بكل ما أفعله.
ما هي نصيحتك للمبتدئين من مصممين الأزياء وأصحاب البراندات؟
بين كل رواد الأعمال، وكل الصانعين لن تجدي ما يدفعهم للاستمرار قدر الإصرار Persistence، هو ما يميز المثابرين والناجحين في أعمالهم عن غيرهم. خلال رحلتي قابلت الكثير من التعب والارهاق والألم والنجاحات والإخفاقات، ولولا الإصرار والإيمان لم أكن لأستمر..
رنا كان حديثا ممتعا للغاية، أخيرا ما هو حلمك ل Asory and Anzo ؟
منذ البداية أحلم ببراند شامل لكل شيء، ملابس وإكسسوارات وأحذية وشنط وحتى ديكورات المنزل، مكان واحد يشعر زبائنه بالانتماء إليه One Community، حتى أنزو هو ابن عشتار في الأسطورة، والتي استعملت نجمتها في شعار Asory and Anzo