بسمة صدقي: مصممة أزياء تُقدم حلولًا عملية وأنيقة للمحجبات

حوار: جهاد الجمل

في ظلّ الرحلة الشاقة التي تعصف بأذهان الفتيات المحجبات عند محاولة الوصول لزيّ أنيق وعمليّ بالنسبة لهنّ في آن واحد، قررت بسمة صدقي اختصار الرحلة عبر تصميم زيّ يحل “أزمة” شريحة واسعة من الجمهور داخل حدود الإمكان، فلنكتشف معًا!

كيف تحبين تعريف نفسك؟

اسمي بسمة صدقي، خريجة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، وأعمل كمصممة أزياء منذ 4 سنوات في مشروعي الخاص.

 من السياسة والاقتصاد إلى تصميم الأزياء، كيف اكتشفتِ شغفك بالتصميم؟

بعد تخرجي عملت في قطاع البنوك، وكان حلمي في الأساس هو العمل في البورصة، وعلى الرغم من دراستي وتطلعاتي السابقة اتجهت إلى تصميم الأزياء بعد ما اكتشفت شغفي منذُ ارتديت الحجاب عانيت كثيرًا من أزمة قلة الأزياء المناسبة للمحجبات، لذا دفعتني هذه المشكلة إلى بناء رؤيتي الخاصة كمصممة أزياء تعمل على حل الأزمة وتقديم قطعة مناسبة تحقق الراحة للمحجبات وتحقق المعادلة بين العملية والبساطة دون ارتداء الكثير من القطع وبين الأناقة، فكان هدفي دائمًا من القطع التي أصممها هو “حل الأزمة” للفتيات المحجبات الباحثات عن زيّ يوفر لهم الحرية والحجاب في آن واحد، وتوفير النواقص التي تعوق توظيف بعض التصاميم لتناسب المحجبات والتي أدركها شخصيًا كمحجبة بطبيعة الحال.

ما هي أكبر نقاط قوتك؟

بساطة تصاميمي والمرونة في توظيف القطع التي أصممها بأشكال مختلفة، مما يكسبها تنوعًا وطبعًا عمليًا يجعلها حلًا لكل “أزمة” تواجهها الفتيات في تنسيق ملابسهنّ في الأوقات الطارئة، فليس شرطًا أن يتخلين عن الأناقة في حياتهم اليومية وما تتضمنه من مسئوليات مختلفة، لذا أحرص على تقديم زيّ بسيط وملائم لكل مناسبة أو مكان يتميز بأناقته ولا يعيق الحركة أو تحقيق الغرض المطلوب، وأسعى حاليًا لإنتاج أزياء للسهرة تتسم بنفس الإتجاه الذي أتبناه وهو البساطة الأنيقة، فكثير من الفتيات تقعن في الحيرة حين يذهبن لمناسبات في أماكن مفتوحة للهواء الطلق على سبيل المثال، فتُقدم لهم أزيائي حلًا يجمع بين الأناقة المطلوبة والراحة.

أحد تصميمات بسمة صدقي للمحجبات

حدثينا عن اللحظة التي قررت بها احتراف التصميم.

هل يستمد التصميم شخصيته من العميل أحيانًا؟

بالطبع، وأكثر ما مكنني من ملاحظة ذلك هو حضوري للمعارض ورؤيتي لتجربة التصاميم مباشرة على عملاء مختلفين على عكس التسوق عبر الإنترنت الذي لا يمنحني تلك الفرصة، كما تفيدني آراء العملاء وملاحظاتهم حول نقص لون معين أو الحاجة للاهتمام بأزياء شريحة معينة في تطوير المنتج. 

حدثينا عن أحد التحديات التي كانت نقطة تحول في مشوارك.
بسمة صدقي - مصممة أزياء

بالطبع واجهت تحديات صعبة وخاصة التحديات المتعلقة بالإنتاج، حين توسع إنتاجي وكنت مطالبة بالعمل أكثر وأكثر لتلبية احتياجات المرحلة الإنتاجية الجديدة، وكان ذلك تحديدًا وقت حلول جائحة كورونا، ولكن على العكس مع مخاوفي نَجم عن مخاطرتي نتائج مذهلة بسبب اتجاه الناس للشراء عبر الإنترنت عامة بعد حلول الجائحة، ولكنني ما زلت أواجه تحديًا متعلقًا بالصورة الذهنية عن المنتج المحليّ في ثقافتنا، فعلى الرغم من تنامي الاهتمام بالعلامات التجارية المحلية مؤخرًا، إلا أن العديد من الناس لا زالوا يؤمنون بأن الفجوة بين المنتج المحلي والأجنبي ضخمة ولا يمكن ملأها على الرغم من المستوى الرائع من الجودة والمهارة الذي يُقدمه المصممون المصريون، كما أن المنتج المحلي يُقدم ما لا يستطيع أحد منافسته عليه وهو تبنيه الهوية الثقافية الخاصة بنا والمناسبة لنا وهو ما لا يمتلكه المنتج الأجنبي. 

إن كان بإمكاننا تطوير كل نواقص صناعة الأزياء وتحقيق معايير الأسواق العالمية في مصر، ما الحدود التي يمكن أن تصل إليها قدراتنا؟

لا تفتقر الصناعة المصرية إلى مهارة الإنتاج أو جودة القماش، لكن ما تحتاجه بشدة هو الدعم الحكومي للوصول بها إلى العالمية وتوسيع نطاقها ليتحرر من الحدود المحلية ومواكبة المعايير المطلوبة.

احك لنا عن تجربة التصميم الأول، كيف كانت؟

أتذكر حينها أن كل ما كان بحوزتي هو تصوري أو فكرتي عن التصميم الذي أريد تنفيذه، لكنني لم أكن على دراية بكيفية التنفيذ أو القماش المناسب وخلافه، وكان هذا التصميم نواة لمشروعي لأنني استمريت في إنتاجه لأربع سنوات حتى الآن أي منذ بداية المشروع لكثرة الطلب عليه والتجارب الإيجابية للعملاء معه.

إن طُلب منك سرّ أو نصيحة للمصممين المبتدئين، ماذا ستكون؟

يُسعدني للغاية رؤية العديد من الأمثلة للمصممين الشباب والجامعيين في السوق المحلي الذين يبدعون في تقديم منتج مواكب لعصرهم وشائع بين جيلهم بصورة ملحوظة، وأنصحهم بتقديم الجديد وهو توجيه الاهتمام للجوانب التي تعاني من الإهمال لحساب فئات أخرى، مثلًا لا زلنا نعاني من أزمة في ملابس الأطفال وما يناسب السنّ المحير والذي يمثل شريحة واسعة للغاية، فيجب أن نهتم بتقديم منتج مريح ومناسب لحل هذه الأزمة.

هل غيّر مدونو منصات التواصل الاجتماعي قواعد اللعبة في مجال تصميم الأزياء؟

أحد تصاميم بسمة صدقي

أرى أن لتأثير منصات التواصل الاجتماعي على صناعة الأزياء صدى إيجابي للغاية، لأنها قد فتحت آفاقًا ومصادرًا كثيرة للإلهام واستحداث الأفكار على الرغم من بعض تأثيراتها السلبية، كما أنها جعلت الكثير من المهام أبسط بكثير بسبب سهولة التواصل سواء مع العملاء أو راود الأزياء الآخرين الذين يمكن أن يبتدعوا أفكارًا جديدة من نفس القطع بصورة غير مسبوقة. 

هل سبق وتعرفتِ على بصمة أحد المصممين المشاهير في تصميم ما دون معرفتك المسبقة بمصممه؟ وإن حدث، كيف يصنع المصمم شخصيته المميزة؟

بالفعل هناك الكثير من المصممين يمكن التعرف على هويتهم من تفاصيل منتجهم قبل أسمائهم، فعلى سبيل المثال يمكن للعميل أن يتعرف على هوية منتجنا بسهولة بسبب رؤيتنا الواضحة لملابس المحجبات التي تتسم بالبساطة والعملية من ناحية، والأناقة والتألق من ناحية أخرى.

ماذا تمثل لك آراء العملاء وملاحظاتهم؟

بناء الانطباع لدى العملاء وتلبية احتياجاتهم هي أهم عوامل النجاح وضمان استمرار المبيعات المستقبلية، فإن صببت اهتمامي على رؤيتي الخاصة دون الالتفات لحاجات العملاء وأذواقهم فلن أتمكن من النجاح، لكن ذلك لا يتعارض بالطبع مع مجاراة الموضة السائدة، فيجب أن يتسم المنتج بقدر من العصرية أولًا ثم مجاراة الأذواق الخاصة للعميل. 

بين مطاردة الموهبة والعودة للأسرة، كيف أثرت اسرتك في تحقيقك لنجاحك؟

كانت الأسرة بالتحديد هي نقطة التحول في مسيرتي المهنية حين تركت الوظيفة واتجهت لتأسيس مشروع حر، وفي البداية ربما كان ذلك يبدو لي تنازلًا من أجل الأسرة فقط، لكنني أدركت مع الوقت أن ذلك كان خيارًا صائبًا للغاية ولم أندم عليه قط لأنه قد وفّر لي مساحة من الحرية وموازنة المسئوليات بالطريقة التي تناسبني وتناسب أسرتي.

وأخيرًا، ما الذي ينتظرنا من لمسات بسمة صدقي الإبداعية في 2024؟

بشكل عام أرى أن 2024 هي سنة الحظ للمنتج المحلي نظرًا لظروف طارئة تفرضها المرحلة مثل حركة المقاطعة للمنتجات الأجنبية وارتفاع أسعارها بصورة كبيرة، وبالنسبة لمشروعي بصورة خاصة نعزم هذا العام على زيادة التنوع في منتجنا وتوسيع الشرائح التي نستهدفها، مثل الفتيات غير المحجبات والمراهقين وغيرهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *