حوار روان أشرف
في قلب مصر، بمعبد الكرنك -الأقصر- بالتحديد، حيث يلتقي التاريخ القديم بالتكنولوجيا الحديثة، ظهرت تعاونية مبتكرة لإعادة تعريف حدود الأزياء تحت عنوان “الأناقة الخالدة”، مشروعًا ثوري قادته الدكتورة إسراء نوار، يمزج بسلاسة بين الأزياء الفاخرة التي تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة وتراث مصر الثقافي.
مشروع الأناقة الخالدة
يسلط الحدث الضوء على الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي وتمكين المرأة، حيث ترتدي نوار فستانًا مصممًا بالذكاء الاصطناعي يجمع بين التاريخ القديم والابتكار الحديث، ونفذت هذا الإبداع خبيرة الأزياء ثريا الدسولي، مصممة أزياء تونسية تتمتع بخبرة 25 عامًا في مجال تصميم الأزياء في مصر، معبرة عن مزجها الفريد بين الأزياء التقليدية والمعاصرة.
كيف جاءت فكرة مزج الأزياء الفاخرة التي تعتمد على التقنية المتقدمة مع تراث مصر الثقافي الغني في مشروع “الأناقة الخالدة”؟
تعتبر هذه التجربة هي الثانية مع الذكاء الاصطناعي، لكن -فعليًا- هي الأولى بالنسبة لي، قادت المشروع الدكتورة إسراء نوار وصمم الثوب بالذكاء الاصطناعي المهندس إيهاب أحمد بمناسبة شهر التراث العربي الأمريكي، الثوب كان حلقة وصل لنا نحن الثلاثة وفرصة لأصنع وجهة للتراث المصري على أكمل وجه.
هل يمكنك أن تشرحي لنا عملية الإبداع وراء التصميم النهائي الذي تم الكشف عنه في معبد الكرنك؟
أتعامل مع التراث بقدسية، لذلك بداية رحلتي في التصميم كانت بعملية البحث، سواء عن الخامات والأقمشة وأنواع التطريز والأحجار الطبيعية من الثقافة المصرية القديمة، أخذتُ في الاعتبار إضفاء عامل الحداثة بالتصميم مع الحفاظ على الهوية وحاولت أن يترجم الثوب التراث بلغته القديمة إلى لغة حديثة معاصرة.
كيف يجسد الثوب النهائي مفهوم “الأناقة الخالدة” في رأيك؟
أعتقد أن تفاصيل الثوب هي أكثر ما يعبر عن ذلك المفهوم، فهناك به خطوط عريقة من حيث القصة والدرابيه، وهو ما يعيدنا إلى المصريين القدماء وتطورهم في عالم الأزياء وخاصة الباترون، الثوب كان إجابة عن سؤال فكرت به منذ بداية التصميم وهو “كيف سترتدي السيدة المصرية القديمة في عام ٢٠٣٤؟”.
من رؤية الدكتورة إسراء نوار إلى إبداع المهندس إيهاب أحمد حتى لمساتك السحرية الأخيرة، حدثينا عن تقاطع خيوط موهبتكم ودور كل منكم في تحقيق هذا الفستان؟
مهندس إيهاب عاشق للحضارة المصرية ويعرف كيفية التعامل مع الذكاء الاصطناعي جيدًا لذلك أنتج لنا صورة متكاملة وراء مفهومه، وبالطبع كانت دكتورة إسراء هي الوجه المعبر عن هذا التعاون بيننا، وأنا معجبة بها على المستوى الشخصي.
أما بالنسبة لي فكان تحديًا كبير وصلت من خلاله رسالة وأشعر أنني سعيدة الحظ لاختيارها لي، هناك صلة دائمة بيني وبين القطعة، فأنا أصبحت منجذبة للتراث المصري بشكل أكبر آخر فترة وأشعر أن ذلك بداية لشيء جديد!.
يمثل الثوب تعبيريًا صريحًا عن التطور الرهيب للتكنولوجيا مع الحفاظ على التراث المصري، كيف تضمنين أن الثوب يعتبر إنجازًا حديثًا وليس مجرد محاكاة للماضي؟

الأزياء الفاخرة والتراث يجمعهم شعور واحد وهو الاستمرارية، أي قطعة من التراث هي قطعة لا تموت، وليست مجرد موضة، بالعكس فهي في كل مرة تقول وتعبر عن شيء جديد ويكون لكل تفصيلة بها معنى وهدف، حرصت على التوازن المثالي بين العصريين، فالقصة بالثوب هي أكثر ما يعبر عن الحداثة.
هل هناك معلم تاريخي آخر في مصر تعتقدين أنه يمكن أن يكمل رؤيتك الفنية لهذا الثوب غير معبد الكرنك؟
اختيار المكان كان مثالي في رأيي، معبد الكرنك وما أدراك ما معبد الكرنك وقيمته الأثرية! مصر عالم عريق لها سحر وشيء رباني يؤثر بالإنسان كما فعلت بي منذ ٢٥ عامًا، ولأجل أن تكتمل الصدفة كنت أرغب بالفعل أن أصور بمعبد الكرنك من قبل.
ما هي العناصر المميزة للثقافة المصرية القديمة التي تم دمجها في تصميم الفستان وكيف تمت ترجمتها إلى فن قابل للارتداء؟
أغلب الخامات الطبيعية التي استخدمتها كانت من الحضارة المصرية القديمة، أساليب التطريز والأحجار الطبيعية مثل الفيروز الطبيعي والقلادة المصرية في التصميم جميعها من عتق الحضارة، كما أن الثوب ذو صناعة يدوية صديقة للبيئة ذو قيمة عالية أخذت حتى في الاعتبار مصير تلك الخامات وإعادة تدويرها.
ما هي التحديات التي واجهتها في تصميم وصنع هذا الفستان المستوحى من الذكاء الاصطناعي؟
لم أواجه مشكلات خاصة بالتصميم نفسه ولكن هناك عدة مشكلات أقابلها مع الذكاء الاصطناعي في العموم، فهو يعطي تصاميم مأخوذة من أشكال تراثية غالبًا ما تكون غير قابلة لتحويلها لملابس، حتى أنواع الخامات المستخدمة يكون من نحاس وعقيق وخامات أخرى غير سهلة الاستخدام، أشبه بعملية قص ولزق من التراث دون التفكير في عملية التنفيذ نفسها.
يستحيل وجود اختراع يمكن أن يعوض اللمسة الإنسانية في الفن، كيف يتعاون الإبداع البشري لتحقيق رؤى التطور العلمي في رأيك؟
الفن معتمد بشكل أساسي على البشر والذكاء الاصطناعي ما هو إلا وسيلة، الموضة فن ملموس مهما تطور العلم والتكنولوجيا لا تزال اللمسة البشرية هي صاحبة اليد العليا في الأزياء.
التصاميم بالذكاء الاصطناعي عبارة عن كل ما هو مخزن لديه من أفكار سابقة للبشر ولكن بطرق متطورة، لذلك التعاون يكون عبارة عن نقاش بيننا عن فكرة يحولها إلى واقع أنا من يقوم بتنفيذه في النهاية.
بعد أول أعمالك الاستثنائية من هذا النوع في المجال، كيف تتصورين تطور تصاميمك التراثية بعد الآن؟
أنا منفتحة على التعاون دائمًا وأعطي خبرتي وأحب التجربة على حد السواء وبالنسبة لي هذا أكثر ما يعبر عن مفهوم التراث، أخطط لأول مجموعة حلي مستوحاة من التراث المصري ولكن بشكل مودرن وليس كلاسيك، وهناك مقولة للدكتور سليم سحاب أعتقد أنها شيء أضعه أمامي طوال الوقت “التراث قاعدة ننطلق منها للمستقبل”.
ما هي آمالك لمستقبل الأزياء الفاخرة التي تعتمد على التكنولوجيا وإمكانياتها لإعادة تعريف حدود الإبداع في صناعة الأزياء؟
أحب أن أقلل من الآلات المستخدمة في التصاميم فأنا صديقة للبيئة، وأن أصل لمرحلة إخراج صورة واقعية تكون أقوى من الذكاء الاصطناعي، هذا هو التحدي الأكبر، حتى يكون التصميم الإلكتروني أمام القطعة الأصلية عبارة عن رسم كروكي، أن أنظر للتصميم على الواقع وانبهر به أكثر حتى مع استخدام التطور العملي في سبيل مواكبة الزمن الحالي.
ما احتمالية تنفيذك لمجموعة كاملة من تصاميم الذكاء الاصطناعي في المستقبل؟
أحب تصاميمي وأرى أنها مطورة عن الذكاء الاصطناعي ولكنني أحب التجربة أيضًا إذا كان هناك هدف مشترك يخدم صناعة الأزياء والتراث!.
بأي طريقة يعكس الفستان روح ثريا كوتور والتزامها بالابتكار في عالم الأزياء الراقية؟
يعكس “تقنيتي القوية” وفهمي للمهمة الإنسانية بملبس الأشخاص في نطاق ذوقها ومفهوم الراحة بالنسبة لها.